التبليغ للذوات المعنوية

 

 

 

تعريف المقر

 

التبليغ للذات المعنوية

 

التـبـليـغ و بـطـلان العـريـضـة

 

الجزء الأول : بطلان العريضة نتيجة الإخلال بإجراءات التبليغ الفعلي

 

الإخلال بإجراءات التبليغ لذات الشخص المطلوب 

 

الإخلال بإجراءات التبليغ بواسطة

 

بطلان العريضة نتيجة الإخلال بإجراءات التبليغ الإعتباري

 

الإخلال بإجراءات الإيداع

 

الإخلال بالإجراء المتعلق بتوجيه المكتوب المضمون الوصول

 

 

 

[ﺭﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ]

 

 

السيد عزالدين بوزرارة              مستشار بمحكمة التعقيب

 

لقواعد التبليغ أهمية كبرى على صحة الإجراءات نظرا انه و ابتداء من تاريخ التبليغ يقع احتساب الآجال سواء تعلقت هذه الاجال بمواعيد الحضور لدى المحكمة أو بممارسة الطعون .

و يعرف التبليغ بأنه الإجراءالذي يقع بواسطته إعلام شخص معين بوجوب الحضور لدى المحكمة أو بصدور حكم ضده.

و طالما ان التبليغ له هذه الأهمية فقد أولاه المشرع اهتماما كبيرا و تدخل في عدة مناسبات لتنقيح مجلة المرافعات المدنية و التجـارية قصد تدارك بعض النقـائص التي تمت ملاحظتهـا في التطبيق و يدخل التنقيح الآخر على مجلة المرافعات المدنية و التجارية و الصادر بمقتضى القانون عدد 82 لسنة 2002 المؤرخ في 3 أوت 2002 في هذا الإطار و سوف نحاول في هذه المداخلة إبراز الإشكاليات القانونية المتعلقة بالتبليغ للذوات المعنوية .

إلا أن ما تجدر الإشارة إليه هو ان التبليغ سواء كان متعلقا بشخص طبيعي أو بذات معنوية له ارتباط وثيق بالمقر الأمر الذي يتعين معه التعريف بالمقر ضمن فقرة أولى أما الفقرة الثانية فسوف تخصص للأشخاص المخول لهم تلقي التبليغ في حق الذات المعنوية .

 

 

فقرة أولى           تعريف المقر      

     [ﺭﺟﻮﻉ]      

 

 

لقد عرّف الفصل 7 م م م ت المقر و قد جاء هذا الفصل ناصا على أن " المقر الأصلي للشخص هو المكان الذي يقيم فيه عادة و المكان الذي يباشر فيه الشخص مهنته أو تجارته يعتبر مقرا أصليا له بالنسبة للمعاملات المتعلقة بالنشاط المذكور .

و المقر المختار هو المكان الذي يعينه الإتفاق أو القانون لتنفيذ إلتزام أو للقيـام بعمل قضـائي " و يتضح من هذا الفصل ان المشرع التونسي أقر بإمكانية تعدد المقرات بالنسبة لشخص واحد من ذلك اننا نتحدث عن المقر الحقيقي الرئيسي و عن المقر الحقيقي الثانوي و كذلك عن المقر المختـار.

و ان هذه القواعد لها مثيلاتها بالنسبة للذوات المعنوية باعتبار و ان المقر هو من ضمن البيانات الوجوبية للعقد التأسيسي للشركة و قد نص الفصل 9 من مجلة الشركات التجارية الصادرة بمقتضى القانون عدد 93 لسنة 2000 المؤرخ في 3 نوفمبر 2000 على أنه " يجب ان تتضمن العقود التأسيسية للشركات شكل الشركة و تسميتها الإجتماعية و مقرها و موضوعها و مقدار رأسمالها و مدتها " .

و إن تأكيد المشرع على وجوب ذكر مقر الشركة أو المقر الإجتماعي صلب العقد التأسيسي ينبع من إيمانه بقيمة المقر و خاصة بالنسبة لإجراءات التبليغ كما حرص المشرع على إعطاء تعريف للمقر بالرغم من انه من المتعارف عليه ان المشرع التونسي غالبا ما يتجنب التعريف بالمؤسسات و المفاهيم القانونية بالرغم من تنظيمها لها و نجد هكذا ان الفصل 10 من مجلة الشركات التجارية نص على أنه " تخضع للقانون التونسي الشركات التي لها مقر إجتماعي بالتراب

التونسي و يقع مقر الشركة بمركزها الرئيسي و يكون هذا المركز كائنا بالمحل الذي به قيام الإدارة الفعلية للشركة ".

و إذا كان هذا الفصل يتعلق بتحديد المقر الرئيسي للذات المعنوية فإننا نلاحظ ان المشرع التونسي و رغبة منه في التيسير على المتقاضين الوصول إلى حقوقهم سمح بالتبليغ للذات المعنوية في مقرها الحقيقي الثانوي ذلك أن الفصل 33 م م م ت اقتضى ان " الدعاوى الموجهة على الجمعيات و على الشركات و الخلافات المتعلقة بتصفيتها أو قسمة مكاسبها و الخلافات الواقعة بين الشركاء أو مديري الشركة و الشركاء ترفع للمحكمة التي بدائرتها مقر الجمعية أو الشركة أو مقر فروعها أو نيابتهما اللذين يهمهما الأمر ".

و قد عزز الفصل 11 م م م ت هذا التوجه لما نص على ان " الإعلام الواقع لسائر الذوات المعنوية الأخرى يقع إبلاغها لمكتبها الكائن بالمكان الذي استقرت به بصفة رسمية أو المكتب أو الفرع الذي يهمه الأمر ".

و قد استقر فقه القضاء على تطبيق هذه القواعد و مثال ذلك القرار التعقيبي عدد 10212 المؤرخ في 22/3/1986 . أما بالنسبـة للمقر المختار فقد تعرض له المشـرع صلب الفصل 30 م م م ت إلا ان ما تجدر ملاحظته هو ان قيام الذات المعنوية باختيار مقر إضافة إلى مقرها الأصلي يعتبر تحويرا للقانون الأساسي وهو ما يجعلها مطالبة و تطبيقا للفصل 16 من مجلة الشركات التجارية بالقيام بإجراءات الإيداع و الإشهار بالرائد الرسمي و بالجرائد اليومية و خاصة السجل التجاري طالما ان المشرع اعتبر صلب الفصل 9 من مجلة الشركات التجارية ان العقود التأسيسية يجب أن تتضمن مقر الشركة.

و يتضح هكذا أنه و خلافا للأشخاص الطبيعيين و الذين هم و في صورة وجود مقر مختار لهم إعلام خصومهم في الدعوى أو المتعاملين معهم فقط فإن الذوات المعنوية مطالبة بإعلام العموم بهذا المقر المختار.

أما إذا كانت الذات المعنوية المبلغ إليها هي الدولة أو إحدى المؤسسات لعمومية فإنه لا يقع الإعتماد إلا على مقر واحد ذلك أن الفصل 11 م م م ت أكد على ان المقر الأصلي المعتبرقانونا هو مقر مكاتب المكلف العام بنزاعات الدولة.

 

فقرة ثانية             التبليغ للذات المعنوية 

   [ﺭﺟﻮﻉ]

 

 

بعد أن استعرضنا مفهوم المقر بالنسبة للذات المعنوية و ما له من تأثير على التبليغ و إجراءاته فسوف نتعرض إلى إجراءات التبليغ ثم إلى الأشخاص المخول لهم تلقي التبليغ في حق الذات المعنوية.

 

1-إجراءات التبليغ:

لعل أهم نقطة للتنقيح الذي أدخله المشرع على مجلة المرافعات المدنية و التجارية بمقتضى القانون عدد 82 لسنة 2002 المؤرخ في 3 أوت 2002 تتمثل في جعل التنصيص على عدد الترسيم بالسجل التجاري من ضمن البيانات الوجوبية لمحضر الإعلام .

و قد نص الفصل 6 جديد م م م ت على أنه " إذا كان الموجه إليه الإعلام شخصا معنويا يجب أن يشتمل المحضر على اسمه و مقره الإجتماعي و شكله القانوني إن كان شركة و عند الإقتضاء عدد ترسيمه بالسجل التجاري و مكانه " كما تضمن الفصلان 43 جديد م م م ت و 70 جديد م م م ت نفس القاعدة.

و يندرج هذا التنقيح ضمن المنظومة القانونية الهادفة إلى ترسيخ الشفافية كوسيلة تعامل بين جميع المتداخلين في الميدان الإقتصادي و خاصة التجاري و التي أرساها المشرع عندما سن القانون المؤرخ في 2 ماي 1995 و المنظم للسجل التجاري و جعل للترسيم بهذا السجل عدة اثار قانونية لما نص صلب الفصل 4 من مجلة الشركات التجارية الصادرة بمقتضى القانون المؤرخ في 3 نوفمبر 2000 على أن " كل شركة تجارية ينتج عنها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الشركاء بداية من تسجيلها بالسجل التجاري عدا شركة المحاصة ".

و لم تكتفي مجلة الشركات التجارية بربط ولادة الشخصية المعنوية بترسيمها بالسجل التجاري بل اجبرت هذه الأخيرة على الخضوع إلى رقابة مستمرة من طرف السجل التجاري بواسطة القاضي المكلف به باعتبار أن الفصل 16 من مجلة الشركات التجارية نص على أنه " تخضع لإجراءات الإيداع و الإشهار كل الأعمال و المداولات التي موضوعها : تحوير العقود التأسيسية و تسمية مديري الشركة أو تجديد مهامهم أو انقضاؤها و انحلال الشركة أو حلها و إحالة حصص أو أسهم الشركاء باستثناء تلك التي تخص شركة مدرجة ببورصة الأوراق المالية أو شركة

خفية الإسم لا ينص عقدها التأسيسي على شروط الإحالة و الإندماج أو الإنقسام أو المساهمة الجزئية أو الكلية للأصول و التصفية و الإعلان عن ختم الحسابات بعد حل الشركة أو تصفيتها أو اندماجها أو انقسامها أو بعد تحقيق مساهمة جزئية أو كلية للأصول.

و يتم الإشهار في أجل شهر بداية من تاريخ ترسيم العقد أو محضر المداولة بالسجل التجاري.

2-الأشخاص المبلغ إليهم في حق الذات المعنوية:

ينبغي التفريق بين نوعين للذات المعنوية و نعني بذلك الذات المعنوية العامة و الذات المعنوية الخاصة.

و يقصد بالذات المعنوية العامة الدولة و المؤسسات العمومية و المجالس الجهوية.

و قد نص الفصل 11 من فقرته الأولى الجديدة من مجلة المرافعات المدنية و التجارية حسب تنقيح 3 أوت 2002 على أنه " تبلغ الإستدعاءات و الاعلامات الموجهة إلى الدولة إلى مكاتب المكلف العام بنزاعات الدولة و إلا كانت باطلة."

أما بالنسبة للذوات المعنوية الأخرى فإن تحديد الأشخاص المخول لهم تلقي الإعلامات هام باعتبار ان الذات المعنوية تنزل قانونا منزلة القاصر و يتوجب سيرها و قيامها و القيام ضدها تكليف من يمثلها.

و يختلف ممثل الذات المعنوية حسب شكل الشركة فإذا تعلق الأمر مثلا بشركات الأشخاص مثل شركة المفاوضة و المقارضة البسيطة فإن التبليغ يقع لمقر الشركة و لوكيلها أو لأي شخص يكون في خدمة هذه الشركة أو سند له مهمة خاصة تتمثل في تلقي الإعلامات أو الحضور عن الشركة لدى المحاكم.

أما بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة فيتجـه التفريق بين ما إذا كانت من النوع العـادي و ترجع في هذه الصورة مهمة تلقي التبليغ إلى الوكيل أو لمن يكلف من قبله بذلك أما بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة و ذات الشخص الواحد و طالما أن مجلة الشركات التجارية اعتبرت أن الشريك الوحيد هو وكيل الشركة فإنه يتعين ان يقع التبليغ إلى شخصه بمقره أو بمقر الشركة و نعتقد أنه لا مانع من تطبيق الفصل 8 جديد م م م ت الذي جاء ناصا على أنه " يسلم النظير إلى الشخص نفسه أينما وجد أو في مقره الأصلي أو في مقره المختـار حسب الأحوال " و ذلك قصد توفير أكبر قدر ممكن من الضمانات للدائنين و المتعاملين مع الشركة ذات المسؤولية المحدودة و ذات الشخص الواحد نظرا لسهولة اختلاط الأمور على الدائنين و كذلك على الشريك الوحيد نظرا ان الشريك لوحيد له ذمتان ماليتـان الأولى خـاصة به كشخص طبيعي و الثانية خاصة بالشركة التي تتمتع بشخصيتها المعنوية و باستقلالها .

أما بالنسبة لشركات الأموال مثل الشركات خفية الإسم أو شركات المساهمة فإن التبليغ يقع للشركة في مقرها و للشخص الذي يكلف بهذه المهمة و قد استقر فقه القضاء على اعتبار أن نظير الإستدعاء أو نحوه يعتبر تبليغه قانونيا إذا بلغ للذوات المعنوية بمكاتبها و سلم للعون أو الموظف المختص و وضع هذا العون ختم الشركة المبلغ لهل من ذلك القرار التعقيبي عدد 16944 الصادر بتاريخ 21 سبتمبر 1987.

و قد اعتبر الفقهاء انه و فيما يتعلق بالشركات المدنية و الجمعيات و المؤسسات الخاصة يقع التبليغ للنائب عن هذه الذوات المعنوية و المعين بمقتضى قانونها الأساسي أو نظامها القانوني أو لمن يقوم مقامه و إذا لم يكن لها مقر يقع التبليغ لممثل هذه الذوات المعنويـة في شخصـه او في مقره و يقع في هذه الحالات الإحتكام إلى الفصل 8 جديد م م م ت الذي يقتضي أنه " يسلم النظير إلى الشخص نفسه أينما وجد أو في مقره الأصلي أو في مقره المختار حسب الأحوال ".

أما فيما يتعلق بالشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل بالبلاد التونسية فيقع التبليغ إلى ممثلها بتونس بمقر الفرع.

و ينبغي الإشارة إلى أن الشخصية المعنوية للشركـة تبقى قائمـة إلى حين ختم أعمال التصفيـة و ذلك طبقا للفصل 29 من مجلة الشركات التجارية و في هذه الصورة يجب أن يقع التبليغ إلى من عين مصفيا لها باعتباره الممثل القانوني للشركة في مرحلة التصفية و يقع عندئذ التبليغ سواء للمصفي بمقره الأصلي الذي يمكن أن يكون بمكتبه أو بمقره الثانوي عندما يقرر المصفي و في إطار تسهيل إجراءات التصفية اتخاذ مقر الشركة مقرا له و أخيرا قد يقع التبليغ

للمصفي بكل مقر يختاره و لا خوف على حقوق دائني الشركة في هذه الحالات باعتبار و ان مجلة الشركات التجارية أوجبت على المصفي القيام بإجراءات الإشهار القانونية بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية و بالجرائد اليومية و خاصة بالسجل التجاري قصد إعلام العموم بتسميته و بمقره فضلا على أن نفس المجلة أكدت على وجوب ذكر عبارة " شركةفي حالة تصفية " في جميع الوثائق الصادرة عن الشركة و ذكر اسم المصفي و مقره.

في خاتمة هذه المداخلة تتجه الإشارة إلى أن أغلب الإجراءات المتعلقة بالتبليغ سواء كانت للأشخاص الطبيعيين أو للذوات المعنوية تهم النظام العام و قد رتب عليها المشرع البطلان .

و حرصا من المشرع على تحقيق أحسن تطبيق لهذه القواعد فقد أقر صلب الفصل 11 مكرر م م م ت عقوبة جزائيـة سالبـة للحرية تسلط على كل من يتحيل لغـايـة عدم بلوغ المحـاضر و الإستدعاءات.

 

التـبـليـغ و بـطـلان العـريـضـة

  [ﺭﺟﻮﻉ]

 

 

السيد مراد إسكندر

عميد الهيئة الوطنية لعدول الإشهاد

 

إقتضى الفصل 69 من م م م ت أنّه " ترفع الدعوى لدى المحكمة الإبتدائية بعريضة يحرّرها محامي الطّالب يبلّغ نظيرا منها مصحوبا بنسخ من المؤيدات للمطلوب بواسطة عدل منفّذ و تتعدّد النّظائر و النّسخ بتعدد المطلوبين  ."

 

و العريضة هي عبارة على مطلب يقدّم للجهة القضائية يعرض من خلاله الطّالب موضوع  دعواه و الطّلبات النّاشئة عنها .

وتشتمل العريضة على إسم كلّ واحد من الخصوم ولقبه و مهنته و صفته  و مقرّه وشكله القانوني إن كان شركة وعند الإقتضاء عدد التّرسيم بالسّجل التجاري ومكانه ووقائع الدّعوى وأدلّتها و طلبات المدّعي و أسانيدها القانونية و المحكمة الواقع الإستدعاء للحضور لديها و تاريخ الحضور .

كما يجـب أن تتضمّن التنبيه على المستدعـى بتقديم جوابه كتـابة مصحــوبا بالمؤيدات بواسطة محام بالجلسة المعيّنة لها القضية و إلاّ فإن المحكمة تنظر فيها حسب أوراقها ( 1 ).

و تبطل العريضة إذا لم تراعى فيها البيانات التي أوجبها القانون ( 2 ) ضرورة أنّ البطلان هو جزاءالإخلال بالقواعد الشكلية المتعلقة بتحرير العريضة أو بطرق تبليغها .

و يقف كل  نظام إجرائي دائما حيال البطلان  غير قادر على الوصول فيه إلى قاعدة تتفق مع مقتضيات العدالة و تسلم من النّقد ، فهل من العدالة أن يبطل الإجراء كلـّما مسـّته مخالفة لقاعدة من قواعد المرافعات فيهدر الحق الموضوعي -  في كثير من الحالات -  نتيجة بطلان الإجراءات التي هي مقررة في الأصل لتوجيه صاحبه إلى السّبيل التي تؤدّي به إلى الإنتفاع بحقه .

ثمّ إذا قيل بالإستغناء عن البطلان أفلا يستتبع ذلك البطلان نواهي القانون و أوامره الأساسيـة

فيستحيل على النّظـام الإجرائي أن يسير و يعمل و ينتج على الوجه المطلوب" .(3)

وأمام تعدد مذاهب البطلان تبنّى المشرع التونسي موقفا توفيقيا إعتمد فيه علىالمبدإ القائـل أنّه " لابطلان بدون نصّ " من جهة و " لا بطلان بغير ضرر" من جهة أخرى

1-الفصل 70 (جديد ) من م م م ت .

2-الفصل 71 من م م م ت.

3-أحمد أبو الوفاء : المرافعات المدنية و التجارية  - طبعة 14 -  ص 484.

 

وفي هذا السياق إقتضى الفصل 14 من م م م ت أنّه " يكون الإجراء باطلا إذا نصّ القانون على بطلانه أو حصل بموجبه مساس بقواعد النظام العام أو أحكام الإجراءات الأساسية وعلى المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها.

أما مخالفة القواعد التي لا تهمّ غير مصالح الخصوم الشخصية فلا يترتب عليهابطلان الإجراء إلآ متى نتج عنها ضرر للمتمسّك بالبطلان و بشرط أن يثيره قبل الخوض في الأصل ".

و يزول البطلان بحضور المدّعى عليه أو محاميه إذا كان الخلل  متعلّقا بخطإ أو نقص في بيان إسم ولقب المدّعى عليه أو المحكمة أو تاريخ الجلسة أو إذا لم لم تقع مراعاة مواعيد الحضور ، و بتقديم الجواب عن الدّعوى إذا كان الخلل متعلّقا بعدم التّنبيه على المطلوب بتقديم جوابه كتابة مصحوبا بالمؤيدات بواسطة محام أو إذا لم تبلّغ إليه نسخة من مؤيدات الدّعوى.

و تختلف العريضة لدى المحكمة الإبتدائية عن تلك التي ترفع لدى قاضي الناحية من جهة كون العريضة الأولى تحرر مبدئيا بواسطة محام ( 2 )  ولذلك أوجب المشرع أن تشتمل على عدّة بيانات فنية لا يفقهها إلآ محترف في المادة القانونية  ( 3 ) في حين أن العريضة لدى قاضي الناحية والتي لا تستوجب إنابة محام إكتفى فيها المشرّع بوجـوب التنصيص على موضـوع الدعـوى و الطلبات فقط .( 4 )

كما تختلف العريضتان من جهة كون القانون أوجب تدخّل العدل المنفّذ لتبليغ نظير العريضة المرفوعة لدى المحكمة الإبتدائية ( 5 ) بينما العريضة المرفوعة لدى قاضي الناحية تسلّم لكتابة المحكمة التي تتولى إستدعاء المطلوب بالطريقة الإدارية.

وفي الحقيقة فإن التطبيق يثبت يوما بعد يوم عدم جدوى التبليغ بالطريقة الإدارية الأمر الذي جعل القضاة و المتقاضين يلجؤون إلى التبليغ عن طريق العدل المنفذ الذي يمكنه وحده ، وهو رجل القانون المحترف ، أن يحقق حقوق الدفاع و يجسّد مبدأ المواجهة بين الخصوم.

و قد أحاط المشرّع أعمال التبليغ بترسانة من البيانات و الشكليات ( 6 ) ليضمن أكبر قدر ممكن من النّزاهة في إنجازها فتفوقت هذه الطريقة على باقي الطرق و أصبح القول بان تبليغ الإستدعاء للحضور لدى قاضي الناحية  لا يتمّ بواسطة العدل المنفّذ إلاّ إستثنائيا، قولا ذا بعد نظري بحت.

1-إنابة المحامي وجوبية لدى المحكمة الابتدائية إلآ في مادة الأحوال الشخصية( الفصل68 من  م م م ت.

2-وجوب تحديد الأسانيد القانونية.

3- الفصل 43 ( جديد) من م م م ت.

4-الفصل 69 من م م م ت، وهو تطبيق للمبدإ العام الوارد بالفصل 5 من م م م ت الذي يقرّر إحتكار العدل المنفذ لمادّة تبليغ الإستدعاءات و الإعلام بالأحكام وتنفيذها.

5-الفصل 44 من م م م ت .

6-الفصول 8 و 9 و 10 و 11 من م م م ت.

وسواء كان تبليغ العريضة بواسطة العدل المنفذ أو بالطريقة الإدارية فإن المتفق عليه فقها وفقه  قضاء أن إجراءات التبليغ هي من الإجراءات الاساسية التي لها مساس بالنظام العام.

ويجد التبليغ أساسا له في مبدإ المواجهة بين الخصوم ( 2 ) الذي ترجع جذوره التاريخية إلى مبادىء القانون الطبيعي و الذي يهدف إلى تمكين كل طرف في المنازعة من الإطّلاع على جميع الوثائق و الإدّعاءات التي يقدمها باقي الأطراف لمناقشة محتواها و الردّ عليه (3.

وفي ظلّ قانون المرافعات القديم كان التبليغ يتم بواسطة العمّال أو السّلط المحلية و المكاتيب المضمونة الوصول إلآ أن هذه الطرق أثبتت عدم جدواها ( 4(.

و بمجرّد صدور مجلّة المرافعات  المدنيّة و التجاريّة ( 5 ) خصّ المشرّع عدول التنفيذ بأعمال التبليغ (6 ) لما يوفرونه للأطراف المتخاصمة من ضمانات لا تتوفر في أيّ طريقة أخرى ضرورة أنّ عمليّة التبليغ لا تقتصر على مجرّد التسليم المادّي لوثيقة ما بقدر ما تنطوي على مجهود فكري/ بيداغوجي مضني يعمل عدل التنفيذ من خلاله على إيصال( 7 ) المعلومة القانونيّة للطرف الآخر وإرشاده عن سبل الدفاع عن مصالحه بكلّ نزاهة وتجرّد.

ويثير موضوع التبليغ عديد المسائل المتصلة بفلسفة القانون و علم الإجتماع و الإقتصاد و يبرز من خلاله حسن تسيير مرفق القضاء و القدرة على التحكم في تكلفة التقاضي و مدى تحقق المبادىء الأصولية التي يقوم عليها النظام العدلي.

 

1 ـ نور الدين الغزواني : التعليق على قانون المرافعات المدنية و التجارية . الأحكام العامة و الإختصاص   ـ  القرار التعقيبي عدد 16384 المؤرخ في 13/01/1987 . النشرية 1987.

2ـ أحمد أبو الوفاء : المرافعات المدنية و التجارية  ص 58 الطبعة 14  - منشأة المعارف بالإسكندرية

Loic Cadiet : Droit judiciaire privé . P 461 ,n°1081 – LITEC – 2ème édition ,1998.

3ـ  يراجع عبد الله الأحمدي : القاضي و الإثبات في النزاع المدني ، ص 470 سنة 1991 .

ـ انظر كذلك عبد الكريم زيدان . نظام القضاء في الشريعة الإسلامية ، ص 136

مؤسسة الرسالة ببيروت طبعة ثانية 1989

4ـ  دليل العدول المنفذين الصادر عن كتابة الدولة للعدل بعد إصدار م م م ت  ص5

5ـ  قانون عدد 130 لسنة 1959 المؤرخ في 5 أكتوبر 1959 . بدأ العمل بها في غرّة جانفي 1960

6ـ الفصل 5 من م م م ت

7ـ التبليغ لغة يعني الإيصال . يراجع إبن منظور . لسان العرب ، الجزء 8 ، ص 419 دار صادر للنّشر.

وقد سعى المشرع إلى وضع إجراءات سهلة و بسيطة لضمان التبليغ الفعلي إلأ أن التطبيق أبرز عديد الثغرات الأمر الذي تعالت معه الأصوات المطالبة بمراجعتها،

وها أنّ المشرّع يستجيب لذلك و يدخل عليها عديد التنقيحات ضمن الإصلاح التشريعي الوارد صلب القانون عدد82 لسنة 2002 المؤرخ في 3 أوت 2002 والذي شمل أجزاء هامّة من م م م ت.

و بالتأمل في مختلف قواعد التبليغ يمكن التمييز بين طرقه الأصلية التي يتم فيها التبليغ إلى ذات الشخص المطلوب أو إلى أحد الأشخاص الذين مكّنهم المشرّع من قبول المحاضر في حقّه . و الطرق الإستثنائية التي يلتجىء إليها عند عدم وجود من يتسلّم النّظير أو عند الإمتناع عن تسلّمه أو إذا كان المطلوب مقيما  خارج التراب التونسي أو عندما يغادر المطلوب مقره دون أن يترك عنوانا جديدا أو عندما يكون مجهول المقرّمطلقا وهو ما يعبّر عنه بالتبليغ الإعتباري أو القانوني وفي كل هذه الحالات يعتبر تبليغ العريضة من الإجراءات الأولية التي تراقبها المحكمة حتى تتثبت من سلامتها إذ لا يجوز النظر في إدّعاءات صاحب العريضة قبل التحقق من كونه أعلم بها خصمه بصفة قانونية ويتـّسم توجّه فقه القضاء التونسي في هذا الميدان بالتشدّد(1 ) إذ لا تتأخّر المحاكم في التصريح بالبطلان كلّما عاينت إخلالا بإجراءات تبليغ العريضة وهو ما سنحاول الوقوف عنده قدر المستطاع من خلال دراسة بطلان العريضة نتيجة  الإخلال بإجراءات التبليغ الفعلي (الجزء الأول) للتطرّق إلى دراسة بطلانها نتيجة الإخلال بإجراءات التبليغ الإعتباري (الجزء الثاني.(

لكن تجدر الإشارة قبل ذلك إلى الإطار المكاني الذّي تجرى فيه أعمال التبليغ والمتمثل في المقر وهو المكان الذّي يقيم فيه الشخص بصفة إعتيادية ويمكن أن يكون المكان الذّي يباشر فيه الشخص مهنته أو تجارته، كما يكون في بعض الأحيان المكان الذّي يتّفق عليه .

2) الطرفان أو يعيّنه القانون لتنفيذ إلتزام أو للقيام بعمل قضائي والدولة مقرها مكاتب المكلف العام بنزاعات الدولة إلاّ فيما يخصّ الدعاوى المتعلقة بضبط معلوم الضرائب وإستخلاصها فإنّ المقر يكون مكان المصلحة المالية المعنية. وبالنسبة للذوات المعنوية الأخرى فإنّ مقرّها هو المكان الذّي إستقرت به بصفة رسمية أوالمكتب

3) أو الفرع الذّي يهمه الأمر

4) والشركات التجارية يقع مقرّها بمركزها الرئيسي ويكون هذا المركز كائنا بالمحل الذّي به قيام الإدارة الفعلية للشركة

 1-وهو تشدّد مبرر بالنّظر للغايات التي شرّع التّبليغ لتحقيقها

2 ـ الفصل 7 من م م م ت

3- الفصل 11 من م م م ت

4- الفصل 10 من م م م ت

 

الجزء الأول : بطلان العريضة نتيجة الإخلال بإجراءات التبليغ الفعلي   

  [ﺭﺟﻮﻉ]

 

يترتب بطلان العريضة عن الإخلال بإجراءات التبليغ الفعلي الذي يقوم على الإتصال المباشر بين العدل المنفذ و الشخص المطلوب ( الفقرة الأولى  )  وفي صورة عدم وجود هذا الأخير فأحد الأشخاص الذين حدّدهم القانون للتسلّم في حقه ( الفقرة الثانية) 

 

الفقرة الأولى   الإخلال بإجراءات التبليغ لذات الشخص المطلوب

    [ﺭﺟﻮﻉ]

 

الأصل في التبليغ أن  يتمّ مباشرة إلى الشخص المطلوب ( 1 ) لذلك لم يقيّد المشرّع عدل التنفيذ بمقرّمعين بل أجاز له التبليغ أينما يجد هذا الشخص طالما كان المكان الذّي يجده فيه داخلا في دائرة إختصاصه.

و لسائل أن يتسائل عن مدى إلزامية هذه القاعدة ؟ أو بطريقة أخرى، هل أنّ عدل التنفيذ ملزم بالتبليغ لذات الشخص أم أنه غير ملزم بذلك ؟

المشرّع لم يلزم صراحة عدل التنفيذ بالتبليغ مباشرة إلى الشخص المطلوب على غرار ما هو موجود بالتشريع الفرنسي ( 2 ) ولكن هذا لا يمنعنا من القول بوجوب التبليغ بهذه الطريقة طالما كان ذلك ممكنا ضرورة أنّ القواعد العليا للعدالة ومقتضيات الحقّ تلزم به وأنّ المشرّع يحرص على وقوعه على هذا النّحو

ويبرز هذا الحرص من خلال إجازته للمحكمة  الإذن بإعادة إستدعاء المدّعى عليه إن لم يبلغه الإستدعاء الأول شخصيا (3) و من خلال ما أوجبه على قاضي الأسرة من تأجيل النّظر في القضية والإستعانة بمن يراه لإستدعاء المعني بالأمر شخصيا إذا لم يحضر(4) لديه و لم يبلغ الإستدعاء لشخصه.

1-    فصل 8 جديد فقرة أولى : " يسلم النظير إلى الشخص نفسه أينما وجد أو في مقرّه الأصلي أو في مقرّه المختار حسب الأحوال

2-    الفصل 654 من مجلة المرافعات المدنية  الفرنسية  يوجب أن يتم التبليغ لذات الشخص.

" La signification doit etre faite à personne"

وعدل التنفيذ الفرنسي ملزم قانونا ببذل المساعي و المجهودات الكبيرة في سبيل تحقيق هذه الغاية . ولا يمكن له التبليغ بواسطة إلآ إذا إستحال عليه الوصول إلى الشخص المطلوب ذاته و عليه في كل الحالات التنصيص صلب المحضر على المساعي المبذولة من طرفه في سبيل تحقيق ذلك.

Art 655 c. p.civ : «  Si la signification à personne s’avère impossible , l’acte peut etre délivré soit à domicile , soit , à défaut de domicile connu, à  résidence ».

3-    الفصل 77 من م م م ت.

4-    الفصل 32 من م أ ش.

 

1)    و كذلك من خلال تحفيزه عدول التنفيذ وإقراره لهم بإستخلاص أجورا أرفع في صورة تحقيق ذلك .

ولكنّ تطوّر الحياة الإجتماعية و إزدهار الأوضاع الإقتصادية صار يصعب معه التبليغ إلى ذات الشّخص إذ تكاد تكون كلّ المنازل مهجورة كامل النّهار وأنّ الإقامات و المركّبات السّكنية الكبيرة التي إنتشرت في كامل أنحاء البلاد أفرزت نمطا جديدا من العيش صارت فيه العلاقات الإنسانية بين الأجوار  محدودة جدّا.

كما أن المتطلّبات الأمنية داخل هذه المركبات فرضت و تفرض أكثر فأكثر وضع أقفال كهربائية على أبواب العمارات يتحكّم فيها من داخل الشقق التي غالبا ما تكون شاغرة.

2) لكن وبالرّغم من ذلك فإنّ عدل التّنفيذ ملزم بالسّعي في التّبليغ لذات الشّخص و التنصيص صلب محضره على وجود الشّخص المطلوب من عدمه و إلآ كانت إجراءات تبليغه مختلة وقد ورد بإحد القرارات الهامّة الصّادرة عن محكمة التعقيب أنه " إذا ثبت أن المبلّغ إقتصر على تسليم الإستدعاء إلى العمدة دون التعرّض إلى سعيه في إبلاغه إلى شخص المستدعى أو وكيله أو مساكنه فإن هذا.

الإستدعاء يكون باطلا لمخالفته للقواعد المقرّرة في القانون لضمان وصول الإستدعاء لصاحبه "

3) و يثير التبليغ لذات الشخص مسألة التّعريف به التي كانت عرضة للنّقد من طرف بعض الفقهاء الّذين إعتبروا أنّ المشرّع لم يوجب على العدل المنفّذ عند تسليمه الورقة إلى المطلوب التّثبت من هويته و هذا الأمر يترك المجال مفتوحا لإنتحال الصّفات و التّحايل على القانون!

4) ونعتقد أن هذا الموقف فيه كثير من المغالاة إذ التثبت من الهويّة هو من طبيعة و كنه عمليّة التّبليغ نفسها ولا لزوم لإشتراط ذلك صراحة من طرف واضع القانون والعدل المنفّذ ملزم بالتحقق من ذلك و عدم الإكتفاء بالتّصريح المجرّد للمخاطب إلآ في حالة معرفته للمطلوب و تحمّله مسؤولية التّعريف به.

و إعتبرت محكمة التعقيب في هذا السّياق أنه " على العدل المنفّذ أن يتحقق من هويّة الشخص المسلّم له النّظير و لمّا لم يفعل فإن محضر تبليغ المستندات يعتبر باطلا لأن التحقق من الهويّة هو إجراء أساسي يتعلّق بالنظام العاّم "(

 

1-الفصل 1 الباب 1 من قرار وزيري العدل و المالية المؤرخ في 8 ماي 2002 المتعلّق بضبط أجور العدول المنفذين

2- القرار التعقيبي عدد 1387 الصّادرفي 3 جوان 1973 . ق ت عدد9 لسنة 1974 ص 57

3- عبد الله الأحمدي : القاضي و الإثبات في النّزاع المدني 1991 ص 480

أنظر في نفس المعنى أحمد الجندوبي و حسين بن سليمة " أصول المرافعات المدنية و التجارية "   ص 251

4- القرار التعقيبي عدد16384 صادر في 13 جانفي 1987 .النشرية 1987 ص 124

الفقرة الثانية  الإخلال بإجراءات التبليغ بواسطة

   [ﺭﺟﻮﻉ]

 

إقتضت الفقرة الثانية من الفصل 8 (جديد) من م م م ت أنّه " إذا لم يجد العدل المنفّذ المطلوب إعلامه في مقرّه وجب عليه أن يسلّم نظير محضر الإعلام إلى وكيله أو إلى من يكون في خدمته أو ساكنا معه بشرط أن يكون مميزا و معرّفا بهويّته.

ويستخلص من هذه الفقرة أنه لايجوز تسليم النّظير لغير الشخص المطلوب إلآ إذا لم يجد العدل المنفّذ هذا الأخير في مقرّه ، وأنه لا يتمّ التسليم إلا بالمقرّ.

و غنيّ عن البيان ما يوفره هذا التحديد المكاني عند التّبليغ من ضمانات هامّةللمطلوب و حماية للمبلّغ نفسه.

 

وبالإضافة إلى التحديد المكاني للتبليغ فقد حددّت هذه الفقرة الاشخاص الذين يجوز تسليمهم النّظير و ظبطت الشروط الواجب توفرها فيهم للتسلّم.

 

1) كما يستخلص من أحكام الفصل 11 ( فقرة أولى جديدة ) من نفس المجلّة أنّ المكلف العام بنزاعات الدولة هو الذّي يمثل الدولة في مادة تبليغ الإستدعاءات فلا يجوز التليغ رأسا للإدارات المعنية إلاّ فيما يخصّ الدعاوى المتعلقة بضبط معلوم الضرائب والآداءات وإستخلاصها.

وإنّ الإخلال بأحد هذه الظوابط يترتب عنه بطلان العريضة

 

 -1 الإخلال بمبدإ تحديد الأشخاص الذّين يجوز تسليمهم النظير يعتبر التبليغ الواقع لغير الوكيل أو الخادم أو المساكن باطلا إذ أنّ تحديد هؤلاء الأشخاص ورد على سبيل الحصر فلا يجوز التوسّع فيه.

والمبلغ غير مطالب مبدئيا بالتحقق من صفة المبلّغ إليه إذ يكفي تواجده بمقرّ التبليغ وتصريحه بأنّ إحدى الصفات متوفرة فيه ، لكن يجب التنصيص على ذلك صلب المحضر.

بالنسبة للوكيل يتفق الفقهاء على أنّه يجوز التبليغ له ولو تعلقت الوثيقة المبلغة بموضوع يتجاوز نطاق وكالته لأنّ الوكالة في حدّ ذاتها تشكّل رابطا بينه وبين المطلوب الأمر الذي يجعله حريصا على تسليم النظير إلى المعني بالأمر.

ولا يشترط القانون أن يكون الوكيل مقيما مع المطلوب بل يكفي تواجده ساعة التبليغ بالمقرّ.

أمّا  الخادم فتشمل هذه العبـارة  كلّ من وجـدت بينـه و بين المطلوب علاقـة شغلية ساعـة التبليغ كالموظف و السّائق و الجنّان  و الحارس  وغيره.

وثار خلاف حول الحارس أو بواب العمارة ، فهل يعتبر في خدمة المؤجر مالك العمارة أو في خدمة  المستأجر خاصّة إذا كان التّبليغ بمناسبة حصول  نزاع بين هذين الطرفين ؟

1-    الفصل 11 ( فقرة أولى جديدة ): " تبلغ الاستدعاءات والإعلامات الموجهة إلى الدولة إلى مكاتب المكلف العام بنزاعات الدولة وإلاّ كانت باطلة.

" يرى الفقه و فقه القضاء الفرنسي أن البواب يعمل خادما للمؤجر و المستأجر و تتوفر فيه علاقة التّبعية لكلاهما و بالتالي يجوز تسليم"

1)    الإستدعاء لهذا البوّاب ولو كان المعلم هو المستأجر و المعلم إليه هو المؤجر أو العكس"

2) و يجد هذا الرأي أساسه في الفصل 655 من مجلة الإجراءات المدنية الفرنسية الذي توسّع في قائمة الإشخاص المبلغ لهم ، ومن ضمنهم نصّ صراحة على حارس العمارة.

 

لكن نعتقد أنه لا يجوز إعتماد هذا الرأي في إطار التشريع الوطني الذي يشترط تواجـد الشّخص بمقرّ المطلوب .

والمقرّ في القانون التونسي،خلافا للقانون الفرنسي، هو مقر السكنى الإعتيادي للشخص والعمارة بهذا المعنى ليست مقر سكنى بل هي مجمّع سكني به عديد الشقق و هذه الإخيرة فقط هي التي تستجيب لمفهوم المقر في القانون التونسي.

 

وعليه فإنه لا يجوز التسليم إلى حارس العمارة باعتباره خادما إلاّ إذا وجد داخل شقّة المطلوب ساعة التبليغ إذا كان المعني بالإعلام مستأجرا أما إذا كان الإعلام موجّها إلى المؤجر مالك العمارة والمعين مقره بها فإنه يمكن تسليمه للحارس.

و بالنّسبة للمساكن فإن هذه العبارة تشمل كلّ من يسكن مع المطلوب في مقرّه سواء كان زوجا أو أصلا أو فرعا أو قريبا أو صهرا أو أيّ شخص آخر.

العبرة فقط بتواجده بمقرّ المطلوب ساعة التبليغ و تصريحه بمساكنته له.

 

1) وقد أقرّت محكمة التعقيب صحة التبليغ إلى مساكن الخصم حتّى لو كانت المساكنة وقتية.

 

1-    جعفر الربعاوي " عدل التنفيذ " مذكرة تخرج من العهد الأعلى للقضاء 1998

2 - art 655 c .p .civ : « La copie peut etre remise à toute personne présente , à défaut  au gardien de l’immeuble , en dernier lieu à tout voisin » 

 

2-    الإخلال بالشروط الواجب توفرها في الأشخاص الذين يجوز تسليمهم النظير إشترطت الفقرة الثانية من الفصل 8 ( جديد )من م م م ت توفر شرطين إثنين في الأشخاص الذّين يخول لهم القانون تسلّم الأوراق المراد تبليغها وهما التمييز و التعريف بالهويّة.

 

ولئن لم يتشدد الفقه وفقه القضاء في التنصيص على توفّر الشرط الأوّل فإنّه صرّح بالبطلان عند غياب الشرط الثاني

 

-        الإخلال بشرط التمييز

 

إنّ التمييز هو وضعيّة قانونية ربطها القانون بسنّ معيّنة( 2 ) و بحالة صحيّة و عقلية سليمة يكون ظاهرها الإدراك و الوعي

 

3) و تخضع حالة التمييز مبدئيا لإجتهاد العدل المنفّذ وهو ما أكّدته محكمة التعقيب بالقول إنّ " صفة التمييز مسألة إعتبارية موكولة لإجتهاد العدل المنفذ فمتى وقع تسليم الإستدعاء فإنّه يحمل على أنّه سلم لمن كان مميّزا فالأصل في الأمور الصحة إلى أن يثبت خلاف ذلك "

 

4 )  كما إعتبرت أن "الفصل الثامن من م م م ت لا يوجب على العدل المنفذ عند تبليغ الاستدعاء التنصيص على أن من تسلمه كان مميزا "

 

والحقيقة أنّه لا يمكن مجاراة محكمة التعقيب في موقفها الأخير ، فإن كان تقرير حالة التمييز راجع للعدل المنفذ إلا أننا  نعتقد أنّ من واجبه التنصيص على ذلك صلب المحضر لتتمكّن المحكمة من إجراء رقابتها على أعمال التبليغ.

 

1-    قرار تعقيبي عدد 8546 صادر في 30 أفريل 1984

2-    الفصل 156 من م أ ش " الصغير الذي لم يبلغ الثالثة عشر يعد غير مميز وجميع تصرفاته باطلة

3-    قرار تعقيبي عدد 145 صادر في 17 جوان 1976

4-    قرار تعقيبي عدد 10770 صادر في 17 أفريل 1975

 

ـ الإخلال بشرط التعريف بالهويّة  

(1   كما يمكن أن يتمّ ذلك بواسطة جواز السفر، ودرج عمل العدول

 (2  وأجازت محكمة التعقيب التعريف بهوية متسلم الورقة بواسطة معرّف يقع التعريف بهوية متسلّم النظير بواسطة بطاقة التعريف.

3) يحمل الوثائق الرسمية للتعريف المنفذين على إعتماد رخصة السياقة والبطاقة المهنية

4) ويجب على المبلّغ أن ينصّ صلب المحضر على الوسيلة المعتمدة للتعريف بمتسلّم نظير المحضرحتّى تتمكن المحكمة من إجراء رقابتها على صحّة التبليغ وإلاّ تكون إجراءاته معرّضة للبطلان، وإعتبرت محكمة التعقيب أنّ " تبليغ مستندات الطعن لمسـاكن الخصيمة المميز دون التعريف بهويته لا يكون به ذلك التبليغ صحيحا ولا يصححه تدارك ذلك بالإستجواب بعد فـوات الأجل ويكون الطعن مرفوضا شكلا "

 

الجزء الثاني  بطلان العريضة نتيجة الإخلال بإجراءات التبليغ الإعتباري  

[ﺭﺟﻮﻉ]

 

 

يعتبر التبليغ إعتباريا ( أو قانونيا ) إذا لم يحصل الإتصال المباشر بين المبلغ و المبلغ إليه أو أحد الأشخاص الذين أجاز لهم القانون التسلم في حقه.

1-    الفصل الأول من القانون عدد 24 لسنة 1968 المؤرخ في 27 جويلية 1968 القاضي بإحداث بطاقة تعريف قومية : " أحدثت بطاقة قومية للتعريف بهويّة صاحبها.

2-    عمر الشتوي . " تجسيد مبدأ المواجهة بين الخصوم من خلال إجراءات التبليغ " محاضرة ألقيت في غرة نوفمبر 1989

3-    قرار الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب عدد 6425 صادر في 15 جويلية  1983

4-    قرار تعقيبي عدد 5183 صادر في 3 مارس 1983

 

ـ  انظر في نفس المعنى القرار عدد7199 الصادر في غرة فيفري 1983

 

1)    وإجراءات التبليغ الإعتباري هي إجراءات إستثنائية لا يجوز الإلتجاء إليها إلاّ في الحالات التّي يستحيل فيها التبليغ الفعلي ضرورة أنّها لا تحقق إلاّ عدالة شكلية بدرجات متفاوتة.

ويشمل التبليغ الإعتباري الحالات التّي يكون فيها المقصود بالإعلام مقيما خارج التراب التونسي أو الحالات التي يمتنع فيها من وجد من تسلم النظير أو الحالات التي لايوجد فيها أحد يمكن التبليغ إليه أو الحالات التّي يبارح فيها المطلوب مقره دون أن يترك عنوانا أو إذا كان مجهول المقر مطلقا

2)    ويعتبر بعض الشرّاح أنّ الحالات التي يكون فيها المقصود بالإعلام مقيما خارج التراب التونسي هي من حالات التبليغ الفعلي أو العادي إلاّ أنّنا نعتبر ذلك تبليغا إعتباريا ضرورة عدم تحقق الإتصال المباشر بين العدل المنفذ المبلغ والشخص المبلغ إليه لأنّ التبليغ كما سبقت الإشارة إليه ليس مجرّد تسليم مادّي لورقة بقدر ما ينطوي على عمل فكري وبيداغوجي من قبل محترف للمادة القانونية فوّض له التشريع تحقيق الجوانب الأساسية في مادّة الإجراءات المدنية والتجارية

3)    فطالما كان الإلتجاء فيه إلى جهة إدارية غير جهة التبليغ الأصلية فإنه يعتبر تبليغا قانونيا فحسب لا يحقق الإيصال القانوني للمعلومة القضائية إلاّ بصفة شكلية وسواءا كان التبليغ على معنى الفصل 9 من م م م ت أو على مقتضى أحكام الإتفاقيات القضائية.

 

1-    مراد إسكندر " خواطر حول طرق التبليغ في القانون التونسي " محاضر ألقيت في إطار الملتقيات العلمية للهيئة الوطنية للعدول المنفذين . جزيرة جربة سنة 2000

2-    أحمد الجندوبي وحسين بن سليمة . مرجع سابق ص 251

3-    التبليغ بالطريقة الديبلوماسية

 

ولتطبيق قواعد التبليغ الإعتباري أوجب القانون القيام بإجراءات متلاحقة ودقيقة يلتجئ فيها المبلغ إلى جهات إدارية مختلفة لإيداع النظير(الفقرة الأولى) أو لتوجيه مكتوب مضمون الوصول(الفقرة الثانية) ، وإنّ الإخلال بأيّ منها يترتب عنه بطلان أعمال تبليغ العريضة.

1)    وتجدر قبل التطرق إلى ذلك الإشارة إلى أن تطبيق إجراءات التبليغ الإعتباري عملا بأحكام الفصل 8 أو أحكام الفقرة الأولى من الفصل 10 يفترض الوقوف الفعلي على مقر المطلوب.

2)    وإعتبرت محكمة التعقيب أنه " من واجب عدل التنفيذ أن يذكر إذا أمكنه التعرف على مقر الشخص المتوجه إليه أو لا وقبل كل شيء وعند توصله إلى ذلك يمكنه وقتئذ أن يصرح بأنه لم يجده "

 

الفقرة الأولى  الإخلال بإجراءات الإيداع

   [ﺭﺟﻮﻉ]

 

تختلف إجراءات وجهات الإيداع بإختلاف حالات التبليغ إنطلاقا من الفصل 8 إلى الفصل 10 وكذلك عند تطبيق قواعد. إتفاقيات التعاون القضائي

3) وقد إقتضى الفصل8( جديد )من م م م ت أنّ النظيرأوالنسخة حسب الأحوال

تودع في ظرف مختوم لا يحمل سوى إسم ولقب المعني بالتبليغ وعنوانه وذلك لدى كتابة محكمة الناحية أو عمدة المكان أو مركز الأمن الوطني أو الحرس الوطني الذي بدائرته مقرّ الشخص المطلوب

وإقتضت الفقرة الأولى من الفصل 10 ( جديد ) نفس الأحكام السابقة

ويستدعي ذلك إبداء الملاحظات التالية:

 

أوّلا :  إنّ التنصيص الصريح على " الإيداع " وضع حدّا للإختلاف الذّي أفرزه التطبيق إنطلاقا من الصياغة القديمة للنصّين المشار إليهما والمتمثلة في" تسليم النظير" إلى العمدة أو إلى رئيس مركز الشرطة حيث رأت بعض المحاكم عملا بالفصل 6 من م م م ت  وجوب إمضاء رئيس المركز على الأصل أو تسجيل إمتناعه وسببه وصّحت برفض الدعاوى لبطلان العرائض التي خلت أصولها من ذلك

1 يثير المقر من الناحية التطبيقية عديد الإشكالات إذ غالبا ما يكون غير واضح أو مقتضب بشكل يحول دون تمكّن عدل التنفيذ من الوقوف عليه

يراجع عمر الشتوي " تجسيد مبدأ المواجهة بين الخصوم من خلال إجراءات التبليغ " محاضرة ألقيت في غرة نوفمبر 1989 بكلية الحقوق بصفاقس.

 

2- قرار تعقيبي عدد 23350 صادر في 4 جويلية 1989

3- يختلف النظير عن النسخة من حيث كون النظير هو الورقة التي تسلم أو تودع على ذمّة المطلوب في حالات تطبيق الفقرات 1 و2 و3 من الفصل الثامن بينما النسخة هي الورقة التي تودع على ذمّته تطبيقا للفقرة 4 من نفس الفصل

وتعرّض هذا التوجه إلى النقد الشديد من طرف العدول المنفذين والمحامين وتذمّر منه المتقاضون ذلك أنّه عطّل السير العادي للعمل وأدخل إضطرابا كبيرا على العلاقات بين جميع الأطراف المتداخلة

 

ثانيا : وردت جهات الإيداع على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها، ويكون إيداع النظير لدى الدائرة البلدية مثلا إجراءا باطلا

1)    ويجدر أن نشير إلى أنه لم يقع ترتيب جهات الإيداع فالعدل المنفذ له كامل الحريّة في الإلتجاء لجهة دون أخرى خاصّة وأنّ بعضها لا يتيسّر الحصول عليه في كلّ الأوقات

2)    ووسّع تنقيح 3 أوت 2002 في جهات الإيداع مضيفا لها كتابة محكمة الناحية ومركز الحرس الوطني ، وإعتبرت مذكّرة شرح الأسباب

أنّ " تخويل العدل المنفذ إيداع النظير لدى كتابة محكمة الناحية ضمانا إضافيا للمتقاضي خصوصا وأنّ محاضر عدول التنفيذ تكون لها دائما علاقة بالتقاضي وبالطعون وبالتنفيذ فيمكن للمعني بالأمر أن يتخذ الإجراء اللاّزم حينا عند توصله بنظير المحضر بما يجنبه ضياع الوقت كما يمكنه الإسترشاد عن الإجراءات المتعيّن عليه إتخاذها"

 

ثالثا : يدخل الشرط الجديد القاضي بالإيداع في ظرف مختوم في إطار تحسين إجراءات التبليغ وحفاظا على حقوق المتقاضين وحفظا للحياة الخاصّة التي حرص الدستور على حمايتها

 

والحقّ أنّ جريان عمل عدول التنفيذ مستقر على إيداع المحاضر بمراكز الشرطة والحرس في ظروف مختومة تحمل أسماء وألقاب وعناوين أصحابها لكن أهميّة التنقيح تكمن في تقنين جريان العمل والإرتقاء به إلى مستوى الإجراء القانوني الذي يترتب عن مخالفته البطلان

 

ويتجه التذكير أنه عملا بالفقرة الثانية من الفصل 10( جديد )من م م م ت ، إذا كان المطلوب مجهول المقر مطلقا يعلق نظير من العريضة بالمحكمة المتعهدة ونظير آخر بمقر الولاية التي توجد بدئرتها المحكمة المذكورة.

 

ويجب أن يتضمن أصل المحضر على الأقلّ ختم كلّ جهة مذكورة حتى تتمكن المحكمة من إجراء رقابتها وإلاّ كانت أعمال التبليغ معيبة موجبة للبطلان.

 

1-    ملاحظاتنا في خصوص العمد .مرجع سابق  : " إنّ هؤلاء الأعوان لا يتواجدون في مكاتبهم إلا في أوقات محدودة الأمر الذّي يجعل الإستعانة بهم تكاد تكون منعدمة في حين أنّ دورهم يمكن أن يكون أكثر فعالية سواء لإرشاد العدل المنفذ أو حتى لإبلاغ الوثائق لأصحابها " .

2-    يراجع التقرير المشترك بين لجنة التشريع العام والتنظيم العام للإدارة ولجنة المالية والتخطيط والتنمية الجهوية حول مشروع القانون المتعلق بتنقيح بعض الفصول من مجلة المرافعات المدنية والتجارية وإتمامها

مداولات مجلس النواب 16 و17 جويلية 2002 عدد 40 ص 2120

 

وإذا كان المطلوب ليس تونسيا ومقيما ببلاده التي تربطها ببلادنا إتفاقية تعاون قضائي فإنّ التبليغ يتمّ كما سبقت الإشارة إليه بالطريقة الديبلوماسية التي يقتصر فيها دور المبلغ على إيداع العريضة ومؤيداتها لدى مصالح إدارة الشؤون المدنية بوزارة العدل وحقوق الإنسان أو لدى النيابة العمومية بالمحاكم الإبتدائية داخل الجمهورية وتتولى هذه المصالح إحالة كلّ الأوراق إلى وزارة الشؤون الخارجية التي توجههاإلى نظيرتها ببلاد المطلوب وتتولى هذه الأخيرة إحالتها للمصالح المعنية بالتبليغ في ذلك البلد.

 

ولا تخفى المشاكل التي تنتج عن تطبيق مثل هذه الإجراءات ففي غالب الأحيان يتعطل رجوع ما يفيد الإبلاغ للجهة المرسلة وفي عديد الحالات لايرجع مطلقا فتتعرّض مصالح المتقاضين إلى الضياع.

 

ويعمل الإتحاد الدولي للعدول المنفذين والضباط العدليين بالتعاون مع معاهدة لاهاي على تفعيل إتفاقية لاهاي المؤرخة في 15 نوفمبر 1965 وإستقطاب أكثر عدد ممكن من البلدان للإمضاء والمصادقة عليها وإقرار مبدإ التبليغ عن طريق المهنيين مباشرة دون المرور بالجهات الإداريـة تحقيقا للسرعة والفعالية المطلوبـة في هذا الميدان.

 

الفقرة الثانية  الإخلال بالإجراء المتعلق بتوجيه المكتوب المضمون الوصول

 

[ﺭﺟﻮﻉ]

 

1)    إقتضى الفصل 8 ( جديد ) من م م م ت أنّه " يجب على العدل المنفذ أن يوجه إلى الشخص المطلوب إعلامه في ظرف أربع وعشرين ساعة مكتوبا مضمون الوصول مع الإ علام بالبلوغ إلى مقره الأصلي أو مقره المختار يعلمه فيه بتسليم النظير كيفما ذكر "

 

إنّ عدم توجيه المكتوب أو توجيهه خارج أجل الأربع وعشرين ساعة أولغير مقرالمطلوب يجعل التبليغ مختلّ الإجراءات موجب للإبطال لكن تجدر الإشارة إلى أنّ إحتساب الأجل يأخذ فيه بعين الإعتبار أيّام عمل مصالح البريد خاصّة إذا علمنا أنّ المشرع التونسي لم يحصر أعمال التبليغ في أوقات معينة

 

1-    وإذا كان المطلوب مقيما خارج التراب التونسي فيوجه له النظير صحبة مكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ ( الفصل 9 من م م م ت.

 

وتطرح الملاحظات التي يدوّنها سعاة البريد فوق علامات البلوغ عديد الإشكالات ( خارج منطقة التوزيع ـ غير معروف بالعنوان ـ عنوان ناقص إلخ ... ) ذلك أنّ بعض المحاكم تعتمد على هذه الملاحظات للإذن بإعادة الإستدعاء بل وفي بعض الأحيان رفض الدعاوى لبطلان إجراءات التبليغ

 

1)    ونحن نعتقد أنّ للقاضي الحق في الإستئناس بمثل هذه الملاحظات والإذن بإعادة الإستدعاء عند الإقتضاء  في إطار السلطات التي منحه إياها القانون لتحقيق الدعوى لكن لا يجوز إعتبار أنّ لهذه البيانات حجيّة أقوى من حجيّة البيانات التي يثبّتها المأمور العمومي .وإعتبرت محكمة التعقيب أنه " طالما إمتنعت زوجة المتسوغ القاطنة معه في نفس العنوان من قبول الإستدعاء ومن الإدلاء بإسمها فإنّ إضطرار العدل المنفذ إلى تسليم الإستدعاء لمركز الشرطة وتوجيه رسالة مضمونة الوصول فإنّ الإستدعاء قد بلغ بصورة قانونية ، وإرجاع الرسالة من طرف إدارة البريد بعلة أنّ العنوان ناقص لا يقوم حجّة على عدم علمه بالإستدعاء"

 

علما وأنّ تنقيح 3 أوت 2002 رفع التشدد المتعلق بمبدإ وجوب الإدلاء بما يثبت البلوغ  تاركا الأمر خاضعا لإجتهاد القاضي، وهو أمر على غاية من الأهمية يظهر من خلاله نجاح الإصلاحات التي وردت في هذا القانون خاصّة بالنسبة للنصوص المتعلقة بإجراءات التبليغ والتقاضي

 

الأستاذ مراد إسكندر

عميد الهيئة الوطنية للعدول المنفذين

 

تونس في 14 نوفمبر 2002 

 

1 ـ قرار تعقيبي عدد 6031 صادر في 4 جوان 1981

 

 

[ﺭﺟﻮﻉ]  [ﺭﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ]